لا, بل محبة الله

Tuesday, April 13, 2010

   جلس معي في مكتبي المتواضع, وأنا أنظر إليه بإعجابٍ شديد, متأملة إبتسامته التي لا تفارقه, وحاجبيه الكثيفين وتجاعيده المرسومة على وجهه كأنها تحكي لي قصصاً مرَ بها في حياته.


     هذا الرجل الذي تعدى عمره الثمانين عاماً تبادل الحديث معي واسترجع ذاكرته إلى الوراء, إلى الأربعينيات, وبدأ يسرد لي جزءٌ بسيطٌ من حياته حيث إستلم أول وظيفة له وكان معاشه حينها لا يتعدى ال 147 روبية, فكان يقتطع منه 100 روبية ليعطيها أمه ويدَخر الباقي. إستمر على هذا الحال مدة سنتين تقريباً ومن بعدها تعددت وظائفه وتنقل من البحرين إلى السعودية, وهكذا, حتى جمع مبلغاً لا بأس به واشترى أرضاً في السعودية. في ذلك الوقت مرَِ أخيه بظروفٍ مالية صعبة, فإذا به يقول لي بأنه وهب الأرض التي يملكها لأخيه.. 

فسألته :" أتملك شيء شيءٌ آخر غير الأرض؟" فأجابني :" لا, بل محبة وكرم الله فقط."


     واصلت معه الحديث وأنا كلي شوق لمعرفة المزيد وسألته : " ألم تدخر شيئاً قبل زواجك؟" أجابني : " نعم, كنت أدخر طوال الوقت, حتى تسنى لي جمع مبلغ لا بأس به, وتزوجت زوجة مخلصة, شاركتني حياتي بحلوها ومرها."

ثم بدأ يحكي لي مشواره بعد الزواج والصعوبات التي واجهته في حياته والتي أصبح بحكمها يتنقل من بلدةٍ إلى أخرى, حتى إنتهى به المطاف في البحرين ليستقر فيها.

سألته: " ألم ترث شيئاً من أبيك؟" أجابني: " نعم, ورثت عنه حصة من بيته أنا وإخواني ولكني تنازلت عنها لأخي المحتاج"


     كم تمنيت أن لا ينتهي حديثنا فما زالت عندي الكثير من الأسئلة ولكنه بدأ ينظر إلى ساعته فقد حان موعد ذهابه إلى البيت لتناول الغداء, فاستأذن وذهب.



إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:)))


) وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (سـبأ: من الآية39


وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة )     

      


No comments:

Post a Comment